أسباب زيادة نفقات العامة

 


المبحث الثاني: أسباب زيادة نفقات العامة

يمكن التمييز بين نوعين من اسباب تزايد النفقات العامة، الاسباب الظاهرية (ما يعني زيادة النفقات العامة دون زيادة المنفعة المترتبة عنها) والأسباب الحقيقية (أي زيادة المنفعة المقابلة لنمو الإنفاق العام)، كم أن لكل شكل من هذه الأشكال أسباب تميزه عن الآخر.

المطلب الأول: الأسباب الضاهرية[1]

يقصد بالأسباب أو العوامل الظاهرية لظاهرة ازدياد النفقات العامة زيادة وتصاعد الإنفاق العام عدديا دون أن يقابل ذلك زيادة وتحسين فعلي وملموس في حجم ومستوى الخدمات العامة المقدمة.

 وتتمثل تلك الأسباب بصورة رئيسية في:

·        تدهور قيمة النقود.

·        تعديل وتغيير أساليب وكيفيات وضع الميزانيات.

·        التغيرات على مستوى سكان الدولة أو إقليمها.

 أولا: تدهور قيمة النقود

 حيث ينجم عن ذلك انخفاض قيمة العملة الوطنية وهبوط قيمتها الشرائية.

 ومن ثم فإن ارتفاع أثمان مشتريات الدولة ومرتبات الموظفين يترتب عنه تزايد في النفقات العامة ظاهريا، إذ لا تقابله زيادة في نوع كميات الخدمات المقدمة.

ثانيا: التغيير في أساليب وآليات وضع الميزانيات

 كانت الميزانية في السابق تقوم على مبدأ الميزانية الصافية، فلا تسجل النفقات في الميزانية إلا صافي الحساب، أي استنزال حصيلة الإيرادات العامة من النفقات العامة.

وهذا يعني أن النفقات العامة لا تسجل إلا بعد استنزال حصيلة إيراداها منها (فائض الإيرادات على النفقات).

 أما الآن فإن الميزانيات العامة تعد وتحضر طبقا لمبدأ الناتج الإجمالي، الذي تدرج بموجبه كافة نفقات مرافق الدولة وإيراداتها دون إجراء أية مقاصة أو استنزال بين النفقات والإيرادات.

وأدى ذلك بطبيعة الحال إلى تضخم عددي أو رقمي في حجم النفقات العامة المعلنة بصورة ظاهرية وليس إلى زيادة حقنة في حجم الإنفاق العام).

ثالثا: التغيرات على مستوى سكان الدولة أو إقليمها

 يؤدي نقير أحد أركان الدولة، وخاصة ركن السكان أو الإقليم، إلى زيادة ظاهرية في النفقات العامة.

1-  ازدياد السكان: يؤدي ازدياد عدد السكان كما إلى ارتفاع النفقات العامة تبعا لذلك، وهو يمثل زيادة ظاهرية ما دامت الزيادة موجهة إلى سد حاجات الكان الجدد، ولب لتحسين مستوى المعيشة.

2-  اتساع الإقليم الدولة: كما يؤدي اتساع إقليم الدولة بفعل عملية الاتحاد المانيا، اليمن) إلى زيارة ظاهرية في النفقات العامة للدولة الجديدة.

المطلب الثاني: الأسباب الحقيقية[2]

يقصد بالأسباب الحقيقية لزيادة الإنفاق العام تلك المعطيات التي تؤدي إلى زيادة المنفعة الفعلية، وتعود إلى أسباب سياسية واقتصادية وإدارية ومالية.

 أولا: الأسباب السياسية

 تؤدي بعض العوامل السياسية إلى زيادة النفقات العامة مثل؛ انتشار مبادئ الحرية والديمقراطية وتقرير مسؤولية الإدارة.

 فانتشار المبادئ الديمقراطية يجعل الحكومات تميل إلى الإسراف في الإنفاق كما أن نمو دور الدولة ومسئوليتها وتحولها من دولة غير مسئولة إلى دولة مسئولة يزيد من الحالات التي تلتزم فيها الدولة بتعويض الأفراد عن الأضرار التي تسببها هم اعمال وتصرفات الإدارة العامة وغيرها من الكوارث الطبيعية.

 وقد ازدادت القوانين التي نقرر مسئولية الدولة في المجالات الإدارية والقضائية حيث تنص المادة 49 من الدستور على أنه:

 "يترتب على الخطر القضائي تعويض من الدولة، ويحدد القانون شروط التعويض وكيفياته".

كما يؤثر سوء الأخلاق السياسية ونقص الشعور بالمسؤولية لدى القائمين على الجهاز الإداري على زيادة النفقات العامة بفعل اتساع دائرة التبذير والاختلاس وسوء استعمال الأملاك العامة.

ثانيا: الأسباب الاقتصادية

 تأخذ الأسباب الاقتصادية لزيادة النفقات العامة مظاهر عديدة، نذكر منها:

1-  زيادة الثروة بها يترتب عنه زيادة إيرادات الضرائب خاصة، مما يفسح المجال للإنفاق العام.

2-    التوسيع في إنشاء المشروعات العامة بما ينتج عنه صرف مبالغ معتبرة.

3-  المنافسة الاقتصادية، من حيث الدعم المالي لبعض الصناعات الوطنية لتتمكن من منافسة السلع الأجنبية.

 ثالثا: الأسباب المالية

 لقد ازدادت النفقات العامة في العديد من الدول تحت تأثير عدة عوامل ذات صيغة مالية صرفة، منها:

1-    سهولة لجوء الدولة إلى القروض خاصة الداخلية، بما لها من امتيازات السلطة العامة.

2-    وجود فائض في الإيرادات.

3-  الخروج على بعض القواعد التقليدية المالية العامة، مثل: قاعدة وحدة الميزانية (لاحقا، فقرة 79.(

رابعا: الأسباب الإدارية

 لقد أدى تطور وظيفة الدولة وانتقالها من دولة حارسة إلى دولة متدخلة، إلى تضخم الجهاز الإداري بها وازدياد هيئاته ومؤسساته وارتفاع عدد الموظفين والعاملين به، الأمر الذي يقتضي -بالضرورة -زيادة النفقات العامة لمواجهة تكاليف إقامة المؤسسات الإدارية الجديدة ودفع مرتبات وأجور الموظفين بها.

 كما يزيد من الإنفاق العام وارتفاع معدلاته سوء التنظيم الإداري والبطالة المقنعة.



[1] محمد الصغير بعلي. يسري أبو العلاء، نفس المرجع السابق، الصفحة 45 و46.

[2] محمد الصغير بعلي. يسري أبو العلاء، نفس المرجع السابق، الصفحة 47 الى 49.